الوروار

في سماء الصيف الزرقاء، حيث تتراقص حرارة الشمس وتلتمع الحشرات في الهواء، يظهر فنان الألوان البديع. هو ليس مجرد طائر صغير، بل انه لوحة فنية طائرة تنثر البهجة أينما حلت. ينطلق في انقضاضات خاطفة على الحشرات الطائرة، كصاعقة ملونة تخطف فريستها ببراعة لا تضاهى. حركته السريعة والمفاجئة تجعله سيد الأجواء في مطاردة الفراشات واليعاسيب والنحل. ذلك هو طائر الوروار.

ما هو طائر الوروار؟ وما هي أنواعه؟

الوروار هو اسم يطلق على مجموعة من الطيور الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تنتمي إلى فصيلة الوروارية (Meropidae). تتميز هذه الطيور بألوان ريشها الزاهية والمتنوعة، ومنقارها الطويل والمنحني قليلاً، وأجنحتها المدببة التي تساعدها على الطيران بسرعة ومهارة. تنتشر أنواع الوروار في قارات العالم القديم (أوروبا وآسيا وأفريقيا وأستراليا)، وتفضل العيش في المناطق الدافئة والمعتدلة بالقرب من مصادر المياه.

تضم فصيلة الوروارية حوالي 30 نوعًا مختلفًا، يتميز كل منها بألوان فريدة وتوزيع جغرافي محدد. من بين أشهر أنواع الوروار نجد الوروار الأوروبي (Merops apiaster)، الذي يتميز بريشه الأصفر والأخضر والأزرق والبرتقالي، والوروار النوبي (Merops nubicus) ذو اللون الأحمر القرمزي والأزرق السماوي، والوروار الأخضر الصغير (Merops orientalis) ذو اللون الأخضر الزمردي.

شكل الوروار: ألوان زاهية وريش أنيق!

أكثر ما يلفت الانتباه في طائر الوروار هو ألوان ريشه المذهلة. تتداخل الألوان الزاهية مثل الأصفر والأحمر والأزرق والأخضر والبرتقالي والبنفسجي في أنماط بديعة تجعل كل نوع من أنواع الوروار يبدو وكأنه لوحة فنية صغيرة. هذا التنوع اللوني ليس مجرد للزينة، بل يلعب دورًا في التمويه والتواصل والتزاوج.

جسم الوروار انسيابي ورشيق، وأجنحته طويلة ومدببة، مما يجعله طيارًا ماهرًا قادرًا على المناورة بسرعة في الهواء. منقاره طويل ومنحني قليلاً، وهو مثالي لالتقاط الحشرات الطائرة. أرجل الوروار قصيرة وضعيفة نسبيًا، مما يجعله أقل قدرة على المشي على الأرض.

غذاء الوروار: صياد الحشرات الطائرة المحترف!

الوروار طائر متخصص في صيد الحشرات الطائرة، وخاصة النحل والزنابير واليعاسيب والفراشات. يتمتع ببصر حاد جدًا يساعده على رصد الحشرات من مسافات بعيدة. عندما يرى فريسته، ينطلق الوروار بسرعة في الهواء ويقوم بمناورات بهلوانية مذهلة للإمساك بها بمنقاره أثناء الطيران.

قبل ابتلاع الحشرة، يقوم الوروار بضربها على غصن أو سطح صلب عدة مرات للتخلص من لسعاتها أو أجزائها الصلبة. يعتبر الوروار الأوروبي صيادًا ماهرًا للنحل، وقد يشكل النحل جزءًا كبيرًا من نظامه الغذائي.

سلوك الوروار: حياة اجتماعية وتكاثر جماعي!

الوروار طائر اجتماعي يعيش ويتكاثر في مستعمرات غالبًا ما تتكون من عدة أزواج. هذه المستعمرات تبني أعشاشها في تجاويف تحفرها في الضفاف الرملية أو المنحدرات الطينية. يقوم كلا الأبوين بحفر العش الذي قد يصل طوله إلى متر أو أكثر، وينتهي بحجرة واسعة لوضع البيض وتربية الصغار.

تضع أنثى الوروار عادة ما بين 4 إلى 8 بيضات بيضاء كروية الشكل. يقوم كلا الأبوين باحتضان البيض لمدة تتراوح بين 20 إلى 25 يومًا. بعد الفقس، يبقى الصغار في العش لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع يعتمدون خلالها على والديهم في توفير الغذاء.

يتميز الوروار بسلوك تعاوني فريد في تربية الصغار. في بعض الأنواع، قد يساعد أفراد آخرون من المستعمرة، ليسوا بالضرورة من الوالدين، في إطعام الصغار وحماية العش. يُطلق على هؤلاء الأفراد اسم “المساعدون”.

تهديدات تواجه الوروار وجهود حمايته

يواجه الوروار بعض التهديدات التي تؤثر على أعداده في بعض المناطق، مثل:

  • فقدان الموائل: تدمير الضفاف الرملية والمنحدرات الطينية التي يستخدمها الوروار لبناء أعشاشه بسبب التوسع العمراني والزراعي.
  • استخدام المبيدات الحشرية: يمكن أن يؤدي استخدام المبيدات الحشرية إلى تقليل أعداد الحشرات التي يتغذى عليها الوروار وتسميمه بشكل مباشر.
  • التغير المناخي: قد يؤثر التغير المناخي على توقيت هجرة الوروار وتوفر فرائسه.
  • الاضطهاد المباشر: في بعض المناطق، قد يتعرض الوروار للصيد أو الإزعاج المباشر.

تتطلب حماية الوروار الحفاظ على موائله الطبيعية وتجنب تدميرها، وتقليل استخدام المبيدات الحشرية، وتنظيم الأنشطة البشرية بالقرب من مواقع تكاثره خلال موسم التكاثر، وتوعية الناس بأهمية هذه الطيور وجمالها.

إقرأ المزيد